الحسـ اليماني ـام
المساهمات : 20 تاريخ التسجيل : 27/05/2008
| موضوع: يتبع الممالك اليمنية القديمة الجمعة مايو 30, 2008 2:26 am | |
| الغساسنة (300 - 628م). رحل الغساسنة من اليمن شمالاً إلى منطقة تهامة، ومن هناك شدوا الرحال مرة أخرى شمالاً حتى وصلوا إلى بلاد الشام، حيث نزلوا فيها وأسسوا لهم عاصمة سموها بصرى، وكانت تسمى أحيانًا جلق. وكان استقرارهم في الشام في القرن الثالث قبل الميلاد، ووجدوا هناك خلفاء الإسكندر الأكبر، فأضحوا بجوارهم في إمارة خاضعة لهم. وبحكم وجودهم بالقرب من تلك المناطق الحضرية، فإنهم قد عاشوا هم أنفسهم تلك العيشة الحضرية، وأصبحوا يمثلون قوة عربية حضرية، تمنع غزوات القبائل العربية البدوية التي كانت منتشرة في حدود دولة خلفاء الإسكندر. ولما استولى الرومان على سوريا وفلسطين، ودالت دولة خلفاء الإسكندر، أصبح الغساسنة خاضعين لهم، كما كانوا خاضعين لمن قبلهم.
شعر الغساسنة بوطأة المسؤولية الملقاة عليهم عندما بدأ الملك أردشير بن بابك مؤسس الأسرة الساسانية الفارسية في توسيع رقعة بلاده، ليضم إليها أراضي أخرى من أراضي الهلال الخصيب وصولاً إلى البحر الأبيض المتوسط غربًا، رغبة في السيطرة على طرق التجارة بين آسيا وأوروبا. وكان موقف الغساسنة دقيقًا من الناحية الحربية، إذ كانوا دائمًا في مواجهة الهجوم الفارسي اللخمي.
كان حكم الغساسنة قد امتد في مقاطعتي حوران والبلقاء في الشام. وكان ملكهم الحارث بن جبلة هو أول حاكم عينه إمبراطور الروم جستينيان وأعطاه رتبة فيلارك بطريق، وهي من أرفع الرتب في الإمبراطورية. وقد امتد حكم جستينيان من عام 527-565م. وكان الحارث نصرانيًا، كما كان يعد من حماة كنيسة اليعاقبة، وكان في حرب دائمة مع ملك الحيرة الملك المنذر الثالث، حتى انتصر عليه انتصارًا ساحقًا في يونيو عام 554م في موقعة قنسرين التي يعتقد أنها هي التي عناها عرب الجاهلية بقولهم "مايوم حليمة بسر".
وفي عام 563م خرج الحارث من عاصمته بصرى إلى القسطنطينية، لمقابلة الإمبراطور للتفاهم حول المساعدات التي يجب أن تعطى له للاحتفاظ بولاء العرب له، وعدم إعطائهم الفرصة للانضمام إلى المناذرة. غير أن الإمبراطور لم يوافق على الدعم المالي الذي طُلب منه، وساءت العلاقات بين الحارث والإمبراطور البيزنطي، ومات الحارث في عام 569م.
زادت حدة الصراع بين المناذرة والغساسنة في أوائل القرن السابع الميلادي، بسبب تزايد قوة الفرس الذين أخذوا في الاستعداد لزحزحة الروم عن الشام، وبالفعل أعد الفرس جيوشهم ومعهم المناذرة، وقاموا بهجوم عنيف على الروم ومعهم الغساسنة عام 613-614م. وكان النبي ³ يدعو الناس في مكة في تلك الآونة للإسلام. واستطاع الفرس، ومعهم المناذرة التغلب على الروم والغساسنة، ودخلوا دمشق والقدس. وأخذوا بعض الآثار النصرانية من هناك، منها صليبهم المقدس. وفي هذه المعركة نزلت بعض آيات من القرآن الكريم في سورة الروم التي يقول الله تعالى في مطلعها: ﴿ آلم ¦ غُلبت الروم ¦ في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون ¦ في بضع سنين لله الأمر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المؤمنون ¦ بنصر الله ينصر الله من يشاء وهو العزيز الرحيم ¦ وعْدَ الله لا يخلف الله وعده ولكن أكثر الناس لا يعلمون﴾ الروم: 1-6.
ولم تنقض بضع سنوات حتى استطاع هرقل إمبراطور الروم جمع جيوشه والخروج إلى بلاد الفرس، وإلحاق الهزيمة بهم واسترداد ما أخذوه من القدس. وهكذا صدق الله وعده.
كانت هذه الحروب المستمرة وبالاً على كل من الغساسنة والمناذرة، حيث أضعفت أمرهم. وكان جبلة بن الأيهم قد تولى الزعامة في بصرى. وفي هذه الآونة كان الإسلام ينتشر في كلِّ من مكة المكرمة، والمدينة المنورة.
وفي سنة 13هـ، 634م أرسل الخليفة أبوبكر الصديق خالدًا من العراق إلى الشام، واجتمعت جموع المسلمين وقوادهم، بقيادة خالد استعدادًا لملاقاة جيوش الروم في واقعة اليرموك التي انتهت بهزيمة إمبراطورية الروم، ومنذ ذلك التاريخ بدأت كثير من القبائل العربية تنحاز إلى العرب المسلمين، وسرعان ما استرد العرب بلادهم الشامية، وهي سوريا ولبنان والأردن وفلسطين. وكان ذلك آخر ما كان من الغساسنة الذين أضعفهم الروم والحروب المستمرة، فلم يعد لهم ذكر سوى في الأدب العربي وقصائد حسان ابن ثابت. | |
|